لا يَخفى عن أي مُتابع لسوق السيارات أن ظاهرة «Mark Up»، أو ما نعرفه محليًا بظاهرة الأوفر برايس، قد استفحلت بشكلٍ بالغ، خاصة في الفترة الأخيرة والتي قل فيها الإنتاج بشكل مؤثر، مما أزال التوازن الهش بمعادلة العرض والطلب في سوق السيارات.
وفيما يبدو للبعض أن المشكلة محلية بشكلٍ كبير، إلا أن المشكلة تحولت إلى مُعضلة كبيرة للغاية في كثير من الأسواق، ولكثير من الشركات التي بدأت في رفع صوتها المُعارض لهذه الظاهرة بشكل بالغ الوضوح في بعض الأحيان، خاصة في الفترة الأخيرة، ومع الأزمات المُتتابعة التي ضربت سوق السيارات.
ويبدو أن مرسيدس هي أولى الشركات «أو الكيانات» التي بدأت في اتخاذ إجراءات رسمية لمواجهة هذه الظاهرة، أو على الأقل تقليلها، أو التحكم بها بشكلٍ كبير في بعض الأسواق، بداية من السوق الألماني، والأوربي، ووصولًا في النهاية لكافة مبيعاتها العالمية خلال أربعة أعوام.
صانع السيارات النخبوي أعلن رسميًا تقليص معارضه الغير تابعة له «ما نعرفه بمسمى الوكيل الشامل، أو الموّزع الرسمي الحصري» بنسبة 10 إلى 15 بالمائة في السوق الألماني، ونحو 10 بالمائة من الموزعين بالسوق الأوروبي، والتوجه نحو نمط البيع المُباشر، أو الوكالة الغير كاملة.

النمط الجديد سيعني أن وظيفة الوكيل أو صالة العرض، ستتغير من عرض وبيع السيارات، إلى التحوّل إلى صالة استلام ومُعاينة فقط، دون تحديد أسعار أو أنهاء إجراءات البيع من تلقاء مفهومها.
وهو ما يعني أن كافة التفاصيل المالية، وتحديد الأسعار، وشراء السيارة سيكون بشكلٍ مُباشر مع الشركة أو مكتبها الإقليمي التابع للشركة مُباشرةً.
ببساطة ستقوم الشركة بعرض سيارتها على مواقعها الإلكترونية الرسمية، وسيتم تحديد المواصفات المطلوبة من قٍبل المالك، ومن ثم شراء ودفع قيمة السيارة عبر الموقع أو الجهة الرسمية المُتصلة مباشرة بالشركة، وسيقتصر دور صالة العرض على تسليم السيارة للعميل، وأنهاء إجراءات التملُك القانونية مع العميل فقط، دون أي تدخل في سعر بيع السيارة.
وتقول الشركة أن هذا النمط سيقلص من ظاهرة الـ «Mark Up»، أو الأوفر برايس، في نفس الوقت الذي سيقلل فيه كثيرًا من مصاريف صالات العرض، كونها لن تحتاج إلى العناية بالوحدات المُكدسة على أرض الصالة، أو حتى توفير مساحة لتخزين السيارات بها، مع مقابل ثابت يصل إلى نسبة 16 بالمائة في بعض الأحيان.

مرسيدس لن تكون الوحيدة التي تُعلن عن بدء تبني هذا النموذج، حيث أعلنت مدير عام التسويق، والمبيعات بمجموعة BMW الألمانية «بيتر نوتا» أن المجموعة تؤكد على نيتها الواضحة في تبني هذا النمط، والتحول الكامل للبيع المُباشر في البداية مع علامة ميني، دون تأكيد على موعد تطبيق هذا القرار.
ولكن تقارير صحفية ألمانية ظهرت منذ شهرين تقريبًا أكدت أن المجموعة البافارية تنوي التخلص كليًا من نمط البيع الحالي «البيع بالوكالة»، وتطبيق نمط البيع المُباشر لعلامة ميني البريطانية خلال عام 2024، متبوعة بعلامة BMW خلال عام 2026، ومن الجدير بالذكر أن علامة BMW تتبنى هذا النمط منذ بداية هذا العام في كل سيارتها في سوق جنوب أفريقيا.