كثرت هذه الأيام الأنماط والتصميمات المُختلفة لشمعات الاحتراق أو البوجيهات، فهناك البوجيهات العادية ذات القطب الأرضي الواحد، 1 شمعة كما نعرفها، وهناك البوجيهات المتعددة القُطب الأرضي أو ما نعرفه بـ البوجيهات 2 شمعة.
وبما أننا قمنا سابقاً بعرض لأهم أنواع شمعات الاحتراق، وتأكدنا من فهم طريقة عمل، ومزايا وعيوب كل نوع تساعدك على اختيار النوعية الأفضل المتوافقة مع متطلبات محرك سيارتك ليعمل بصورة مستقرة وفعّالة.
ولكن اليوم سنجيب على سؤال يتم تداوله بكثرة بين مالكي السيارات ألا وهو، هل فعلاً البوجيهات 2 شمعة أفضل من البوجيهات التقليدية 1 شمعة؟
متى تم إبتكار البوجيهات ذات القطب الأرضي المتعدد.
بدأت شمعات القطب الأرضي المتعدد أو ما تعرف بالعامية بالبوجيهات 2 شمعة، عندما ابتكرت شركة مازدا تلك الشمعات في منتصف سبعينات القرن الماضي تقريباً.
هذا بعد أن قررت مازدا دخول عالم سباقات التحمل بسيارة تسابقيه تعمل على محرك روتاري الذي كان الصانع الياباني يُنتجه آنذاك، وجب على مازدا تقديم شمعات احتراق قوية تتحمل البيئة المرعبة المعروفة داخل محرك الروتاري.
وكان الهدف الحقيقي وراء ابتكار تلك الشمعات هي زيادة الاعتمادية والقدرة على التحمل والاستمرارية، وذلك لأن الشرارة الناتجة عن الشمعة تتوزع على عدد من الأقطاب الأرضية لا قطب وحيد.
لذا وللإجابة على أفضلية بوجيهات 2 شمعة مقارنة بالبوجيهات القياسية، فالشمعات ذات القطب الأرضي المتعدد أفضل فعلاً من الشمعات التقليدية (أحادية القطب الأرضي) على أصعدة الاعتمادية والاستقرار، والعمر الافتراضي وتواتر معدلات التغيير.
ولكن ماذا عن أفضلية الأداء، هل هي فعلاً موجودة؟
قبل التعمق في نقطة الأداء يجب أن نضع في الاعتبار بعض النقاط الواجب ذكرها، أهمها هو أن الشحنة الكهربائية تُفرغ شحنتها دوماً في نقطة ثابتة واحدة.
بمعنى أنه عند عمل شمعة الاحتراق تتفرغ الشحنة الكهربائية في نقطة واحدة فقط على قطب وحيد مهما كان عدد الأقطاب المتوفرة بشمعة الاحتراق، بمعنى أنه البوجيهات 4 شمعة مثلاً ستعطي نفس قوة الشرارة في البوجيهات 1 شمعة فهذه هي الفيزياء ببساطة.
لكن الميزة هنا أن كلما زادت الأقطاب الأرضية، قل الحمل على عدد تلك الأقطاب، لأنه ببساطة تنطلق الشرارة على قطب واحد مختلف كل مرة تقريباً وبالتالي ينقسم الحمل على عدد الأقطاب، بمعنى أنه برغم ثبات قوة الشرارة، لكنها تنطلق من شمعة مختلفة كل مرة، وهو الأمر العمر الإفتراضي للبوجيه.
كمثال، بوجيه يقوم بإطلاق شرارة مائة مرة كل دقيقة، في حالة البوجيه العادي سيقوم قطب واحد بتحمل توليد تلك الشرارة مائة مرة في الدقيقة، ولكن في حالة البوجيهات 2 شمعة مثلاً سيتم تقسيم الحمل على قطبين لذا فسيتحمل كل قطب حمل توليد خمسون شرارة في الدقيقة مثلًا، مع الحفاظ على قوة الشرارة في كلا الحالتين.

النقطة الثانية هي أن اللحظات الأولى لاشتعال خليط الهواء والوقود داخل غرف الاحتراق، هي الأهم في تقديم اشعال كامل فعّال، شكل الانفجار وتسارعه عنصران بالغا الأهمية فعلاً.
وأغلب الدراسات التي أجريت على أداء شمعات الاحتراق اكدت بما لا يقبل الشك أن تواجد مادة أكبر (وهنا المقصود قطب واحد كبير، أو عدة أقطاب) امام الشرارة المتولدة من اقطاب الشمعة قد يطلق انفجاراً غير متوازن، أو يقلل من تسارع حرق الخليط وبالتالي تتكون ما يسمى بجيوب الضغط والتي ينتج عنها ما يسمى بالحريق غير الناضج، وهو أمر ليس جيد لفاعلية المحرك.
وللوقوف بصورة علمية على أداء تلك الشمعات أجرت كلية الهندسة بجامعة عين شمس دراسة موسعة لشرح تأثير تعدد الأقطاب الأرضية في أداء المحرك بشكل عام، وشمعات الاحتراق بشكل خاص، الدراسة لاقت الكثير من المدح، وتم نشرها في العديد من المواقع العلمية الموثوقة، ويعتبرها البعض الدراسة الأبرز حول العالم في شرح تلك النقطة بوجه الخصوص.
التجربة العملية التي تم تحليلها في تلك الدراسة، اختبرت أربع شمعات احتراق بعدد مختلف من الأقطاب الأرضية، وما وجدته هو انخفاض الأداء بشكل طفيف للغاية كلما زادت أطراف القطب الأرضي، بمعنى أكثر وضوحاً البوجيهات 4 شمعة تقدم أداء اقل بشكل طفيف من البوجيهات 3 شمعة، في حين أن الأخيرة تقدم أداء أقل من البوجيهات 2 شمعة وهكذا.
فرق الأداء ليس كبيراً وقد يعتبر غير ملحوظ، ولكن النقطة المثيرة هو التأكيد على أن الاهتمام بتصميم وتقليل حجم اقطاب شمعات الاحتراق نفسها يساعد على تقديم أداء أفضل واستقرار أعلى.
حيث وجدت الدراسة أن استخدام البوجيهات ذات تصميم الأقطاب المتميز كالأقطاب الرفيعة سواء كانت شمعات بلاتينوم أو أيرديوم، تقلل من معدل استهلاك الوقود بنسبة 2,4 بالمائة مقارنة بالبوجيهات التقليدية ذات القطب الوحيد، أو الأقطاب الأرضية المتعددة.
وما الأفضل، بوجيه 2 شمعة، أم بوجيه أيرديوم.
خلاصة الأمر فإن استخدام الشمعات متعددة الأقطاب الأرضية أو البوجيهات 2 شمعة، يقدم لمحرك سيارتك أداء مماثل للبوجيهات 1 شمعة، لكن مع إطالة العمر الافتراضي للشمعات، وبالتالي أطاله دورات تغيير البوجيهات، لكن إذا كانت الأولوية لديك للأداء، مع خفض معدل حرق الوقود، فهنا أنصحك بالبحث عن البوجيهات البلاتينوم، أو الأيرديوم عالية الجودة، ذات التصميم المتميز.