هل تهبيط السيارة مفيد فعلاً؟

أعتقد أن أي مُحب لسيارته يرغب دوماً من أن يُزيد من جمالها وحضورها على الطريق بشكلٍ أو بآخر، وبالطبع أحد الطرق السهلة والموثوقة لزيادة حضور وثقة السيارة على الطريق هي تهبيط السيارة أو تخفيض ارتفاع السيارة عن الأرض قليلًا، وهي الطريقة التي إذا ما تم تنفيذها بشكلٍ سليم أضافت مظهرًا رياضيًا واثقً للسيارة.

ولكن دوماً ما يتساءل المُقدِمين على تعديل سيارتهم، هل هناك أي فائدة مرجّوة من تهبيط السيارة بالفعل بإستثناء الشكل المبتغى بالطبع، لكن هل فعلاً التهبيط يُزيد الثبات ويُحسّن من الإحساس الرياضي بالقيادة، ويرفع أداء السيارة على السرعات، لذا في هذا المقال سنجيب على هذا السؤال بشكل علمي.

مركز الثِقل، قبل أي شيء؟

تعريف مركز الثِقل
تعريف مركز الثِقل

قبل الحديث المُطوّل عن تهبيط السيارة، دعونا نتعرف أولاً على مركز الثقل أو «Center of Gravity»، فأي جسم يمتلك ما يُسمى بمركز الثقل، و الذي يُعرف علمياً بأنه الموقع المتوسط لوزن الجسم، أي ببساطة النقطة التي يمكننا حمل الجسم بكتلته الكاملة منها بتوازن دون تأثير محورٍ على الآخر.

وفي السيارات يعتبر مركز الثقل النقطة الافتراضية التي يُمكن لنا نظريًا موازنة السيارة بالكامل عليها، بمعنى أبسط يمكن رفع السيارة كاملة وبتوازن وثبات من تلك النقطة (تخيل معي أن تزن اي شئ على اصبعك، النقطة التي يتوازن عندها هذا البدن هي مركز الثقل) ، يمكن مُعرفة المزيد عن مركز الثقل عبر مراجعة هذا الإنفوجراف.

ولمركز الثقل في السيارات تأثير كبير على توازن وسرعة إستجابة السيارة، فعلى سبيل المثال عند دوران السيارة داخل مُنعطف ما على سرعة مرتفعة نسبياً، يقوم زخم وزن السيارة بدفع مركز الثقل قليلاً خارج خط السير المناسب للسيارة، مما قد يؤدي إلى اختلال توازن السيارة، أو انزلاقها بدون تحكم.

ويمكن تقليل تأثير مركز الثقل عبر طريقتين، الطريقة الأولى هي خفض إرتفاع مركز الثقل واقترابه من نقطة التأثير وهي الأرض لتقليل تأثير زخم الوزن في تلك المواقف، بتقليل الفرق بين مركز الدوران ونقطة مركز الثِقل أو المٌرادف لذراع الدوران بنظرية عزم اللي، أما الطريقة الثانية فهي زيادة عرض قاعدة العجلات الخاصة بالسيارة وهو أمر ليس بالهين تنفيذه.

ووفقاً لذلك نعرف أن تهبيط السيارة يقوم بخفض مركز الثقل، مما يعني تقليل تأثير زخم الوزن عند الانعطاف بسرعات مرتفعة نسبياً مقارنة بزاوية المنعطف، وهو ما يُحسّن من ثبات السيارة بالفعل، ويُزيد من الاحساس بالقيادة.

فوائد أخرى لتهبيط السيارات.

فوائد تهبيط السيارة لا تنحصر فقط في زيادة الثبات داخل المنعطفات، بل أكدت دراسات علمية أن خفض ارتفاع السيارة عن الأرض يساعد على زيادة سرعة مرور الهواء أسفل بدن السيارة مقارنة بسرعة مرور الهواء اعلا بدن السيارة، وهو ما يولد منطقة ضغط منخفض أسفل السيارة وبالتالي يزيد من التصاق السيارة بالطريق حتى على الطرق المستقيمة، متابعي سباقات السيارات يعرفون هذا الأمر جيدًا.

بالطبع هناك عدة عوامل أخرى تحسن من تمرير الهواء أسفل السيارة، شأن تصميم أرضية السيارة نفسها، أو إستخدام أنفاق التشتيت الهوائي أسفل بدن السيارة «Diffuser»، والتي تُساعد أيضًا على تحسين الثبات على الطرق المستقيمة، دون إستخدام مُكثّف للأجنحة الموّلدة للقوة السفلية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل مُعامل السحب أيضًا، والتأثير السلبي على قدرة السيارة لبلوغ سرعات مرتفعة، او بزيادة معدلات استهلاك الوقود.

طيب تمام، أنزل بقه أقص السوست .. إنتظر يا عزيزي فحتى إذا كنت تبحث عن شكل فقط فقص السوست لن يقدم لك الشكل المطلوب بدقة، وبالطبع إذا كنت تريد أداء أفضل في المقام الأول فقص السوست سيؤتي بنتائج عكسية تماماً، حيث سيتغر طريقة تعامل السيارة مع الطريق بشكل سيء للغاية، لنعرف لماذا يجب أن نتعرف أولاً على هندسة بناء السوست.

نوعيات سوست السيارات.

أضرار قص السوست
مقارنة بين السوست الثابتة / المتغيرة الإخماد

كل اليايات التي يتم استخدامها في السيارات تندرج تحت نوعين، النوع الأول هو السوست الثابتة الإخماد «Linear Spring Rate» وكان يستعمل هذا النوع غالباً في السيارات الكلاسيكية والقديمة أو السيارات التُجارية الثقيلة.

أما النوع الثاني فهو السوست المتغيرة الإخماد «Progressive Spring Rate» والذي يُستعمل حاليًا في غالب أنواع السيارات الحديثة، لأفضليته الكبيرة في تحسين أداء السيارة، مع الإحتفاظ بمستوى متميز من الراحة والنعومة، على عكس السوست الثابتة الإخماد، التي إما قاسية لتقديم أداء رياضي، أو مرنة لراحة أكبر.

ويمكن معرفة نمط السوست المزودة به سيارتك بالنظر إليها فقط، فالسوست الثابتة الإخماد ذات بعد ثابت بين حلقاتها، أم السوست المتغيرة الإخماد فهي ذات ابعاد مختلفة بين حلقاتها.

وبما أن كل السيارات تقريباً تستخدم السوست المتغيرة، فقص السوست لا يضر فقط بأداء السيارة على مستوى الراحة، بل سيتغير نهج قيادة السيارة بالكامل، حيث أن هندسة نظام التعليق «Suspension Geometry» تغيرت بشكل كبير وهو ما يؤثر سلباً على ليس فقط على ثبات السيارة أثناء الإنعطاف، بل وعلى قدرة السيارة على امتصاص المطبات الهوائية والمفاجئة.

الطرق الصحيحة لتهبيط السيارة.

بالطبع هناك عِدة طُرق لتهبيط السيارة، وتقليل ارتفاعها دون الخوض في تعديلات أو تصرفات غير سليمة، ولكنها ستكون بالطبع لن تكون بخسة الثمن غالباً، ولكن بعضها ليس مرتفع السعر أيضًا.

السوست الرياضية (Lowering Springs).

سوست الرياضية من صناعة H&R
مجموعة من السوست الرياضية من صناعة H&R

السوست الرياضية هي رٌبما أسهل وأرخص الطرق الصحيحة لـ تهبيط السيارة لكن صحتها تلك مشروطة، فأي ممتص صدمات (مُساعد) مُصمم بمعدل امتصاص «Shock Rat» مُهندس وفق وزن وطريقة التكييف الخاصة لكل سيارة، وأي سوست مُركبة عليه لها ما يسمى بمعدل الإخماد «Damping Rat» المتوافق مع هذا المُعدل.

لذا فشرط صحة استخدام السوست الرياضية هو أن نتأكد أن مُعامل الاخماد الخاص بتلك السوست الرياضية مُتوافق مع مُعدل الامتصاص الخاص بالمساعد القياسي الخاص بسيارتك، وأغلب الشركات المُتخصصة والمعروفة والموثوقة توضح توافق السوست مع المساعدين القياسية للسيارة في صفحة مواصفات السوست الرياضية التي تُنتجها، كشركتي أيبخ، وKW الألمانيتين على سبيل المثال.

وإذا لم تجد توافق تلك المُعدلات مع بعضها البعض، فغالبا تُوفر بعض الشركات التي تنتج تلك السوست مُساعد بديل يتوافق مع معاملات السوست التي تنتجها، وتأتي شركة كوني كمثال على ذلك، ولكن يجب أن تضع في الاعتبار أن استخدام يايات رياضية سيقلل بشكل واضح من مستوى راحة الركوب مقارنة باليايات القياسية للسيارة.

الكويلات القابلة للتعديل (Coilover).

مجموعة كويلات من صناعة KW
مجموعة كويلات من صناعة KW

شهدت صناعة حزم مُمتصات الصدمات الرياضية القابلة للتعديل أو ما نسميه بالكويلات أو «الكويل أوفر»، تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، وساعد هذا التطور في تقليل ثمنها إلى حد كبير، برغم أنها ما تزال مرتفعة السعر نسبياً، ولكن الأهم أن هذا التطور ساهم أيضًا في زيادة طرق التحكم وتغير كثير من المتغيرات في ممتص الصدمات أو الياي الخاص به.

فاليوم لا تساعد الكويلات فقط في التحكم في خفض وزيادة ارتفاع السيارة وفقاً للحاجة، لكن توفر بعض الموديلات والشركات وسائل للتحكم في معدل الامتصاص الخاص بالمساعد، وجعله إما قليلاً لثبات أكثر، أو كبيراً لراحة ونعومة أفضل فقط بالتحكم في زرٍ مُلتف أعلى المساعد، كما يمكن التحكم في مدى صلابة وليونة السوست بسهولة أيضاً.

والكويلات هي من وجهة نظري الطريقة الأفضل ماديًا للحصول على كل مزايا تهبيط السيارة دون التضحية بالكثير من راحة ومرونة السيارة، فهي يمكن التحكم بها واستعادة مستوى الارتفاع العادي للسيارة في أي وقت.

كما أنها فعلاً تحسن كثيراً من تجربة ركوب السيارة، وتزيد بشكل واضح جداً من مستوى الثبات والتحكم في السيارة، ولكنها ليست رخيصة الثمن، فطاقم كويلات جديد لعلامة تجارية بارزة كشركة KW مثلاً قد يصل سعره إلى 20 الف جنيه وقت كتابة المقال، لكن تواجدت الكويلات بسعر أرخص في مصر مؤخراً لعلامات جيدة، كما بدأت تظهر كثيراً في سوق المستعمل بأسعار جيدة جدا فعلاً.

القِرب الهوائية (Air Suspension).

نظام تعليق هوائي من صناعة أكواير
نظام تعليق هوائي من صناعة أكواير

 آخر الطرق لتهبيط السيارة هي نُظم التعليق الهوائية، أو ما نسميه باسم القِرب (جمع قربة)، وتتميز تلك النظم بالسهولة البالغة لخفض ورفع السيارة بلمسة زر، بل وأحياناً بالريموت والتحكم عن بُعد.

ويقول البعض أن نُظم التعليق الهوائية إما أن تكون مريحة، أو أن تكون رياضية، ويصعب دمج الراحة مع القيادة الرياضية، ولكن التطور الكبير لتلك الأنظمة مؤخراً جعلها تقدم مستويات مُتقدمة ومفيدة للغاية من الأداء الرياضي، مع الحفاظ على مستوى راحة قد يتفوق أحياناً على النظم القياسية للسيارات الفارهة.

لكن يعيب تلك النظم ارتفاع سعرها بشكل كبير، وصعوبة تركيبها على الغير مختصين وهو الأمر الذي يستلزم فني مُدرب وذو خبرة لتركيبها، إضافة إلى تطلبها في بعض الأحيان لبعض الصيانات الدورية.

أخيرًا فتهبيط السيارة مفيد فعلاً على صعيدي تحسين الأداء، وتحسين مظهر وحضور السيارة (عند البعض)، ولكن يجب أو يتم وفقًا لمعايير هندسية صحيحة، وبطرق هندسية قُتلت بحثًا حتى تؤدي المطلوب منها بنمطٍ صحيح، لأن تنفيذ تلك التعديلات بشكل غير سليم قد يؤدي إلى نتيجة عكسية وربما إلى ما هو أسوأ.

واصل القراءة
زر الذهاب إلى الأعلى
error: معذرة، لكن المحتوى محمي.
إغلاق

إغلق حاجب الإعلانات

يعتمد الموقع على إيرادات الإعلانات بشكلٍ أساسي، لذا نرجوا منك التفضل بتعطيل حاجب الإعلانات «إذا أردت» عند تصفحك للموقع.